الأربعاء، 3 أغسطس 2011

بعض خلل الامتين

بطبيعة الحال ... لكل انسان موروث ثقافي يعتمد مصدره على البيئه والمجتمع الذي يتعايش معه.. ومن ضمن تلك الثقافات هناك ما يشير لوجود ثقافات اجتماعيه كالعادات والتقاليد ... وهنا يبدو للبعض ان اكتساب الموروث نابع من قوه خارجيه مفروضه على الانسان يفرضها مجتمعه او بيئته او حتى أسرته .. في حين تبدو عملية الاكتساب نابعه أيضا عن اختيار فالفرد بمراحل نموه يتمسك بعاداته وتقاليده ومن خلالهم يشكل لنفسه مبادئ وقيم ومع مرور الوقت وبمحاولة شديده للتشبث بموروثاته الاجتماعيه ومع تطور مجتمعه وتغير ظروف بيئته المحيطه نجده يفقد بعض مما لديه ووحدها قيمه ومبادئه هي التي تبقى لانها جزء مما اختار لنفسه
صحة العادات والتقاليد ومايترتب عليهم من قيم أمر مهم اذا ما توفر موروث آخر هنا مكمل لما سبق كالتربيه والنشأ .. حيث يحدد الشخص لنفسه من واقع التربيه أخلاق يجعلها حدود وخطوط حمراء لسلوكياته ..
ان حالات الانحراف لدى الانسان أذا ماعادت لضعف موروثاته من عادات وتقاليد فانها حتما ستعود لضعف قيمه ... واذا تبين ان الانسان مجرد مما ذكرت فسيعود الامر للتربية بالتالي للاخلاق وهنا يحدد الخلل ...
ان هذا الاستعراض السابق ليس من شأنه عرض محاضرة بعلم الاجتماع او حتى بالفلسفه ... وانما هو بدايه ومدخل لموضوع يناقش الخلل بالامه الاسلامية وايضا الخلل بالامه العربية التي هي جزء منها....
أن الموروث لدى الامة الاسلامية كامه ... ماهو إلا حضارة اسلامية عريقه جدا ... وعظيمة الشان ... ولسنا هنا بصدد مناقشة عظمة تلك الحضارة التي جمعتنا كلنا باطار العزه ... وانما هنا نناقش الخلل ...ولكن لقصر المجال هنا اذكر بعضا منه... ووجود خلل يعيدنا لما ورثناه بالتالي لما اكتسبناه وايضا لاسلوب نشأتنا واخيرا اخلاقنا العامة ...
نحن نجاهد كمسلمين من اجل أن نسمو بعزة الاسلام ويوما بعد يوم نجدنا كمسلمين مهانين والسبب ان بتاريخ تلك الحضارة الاسلاميه عار مكتوب بالدم ... لم نحاول اكتسابه ألا وهي قضية الأمام الحسين الذي أنشأ ثورة الحق ثورة حي على الجهاد من أجل عزة المسلمين حينما كان يزيد بن معاويه يذل الاسلام والمسلمين ... تلك الملحمه لم يكتسبها أغلب المسلمين وغالبا ما ينكرونها ويحرفون فيها او يشككون بها ... التربية ايضا حجبت هذا الجانب من حضارتنا الاسلامية حتى باتت اخلاق امة الاسلام غالبا الهجوم على كل من يوالي او ينصر الامام الحسين ... اذن هنا مكامن الخلل اننا لانستطيع ان نكون امة ولانستطيع ان نعز نفسنا بالاسلام
حيث لازال البعض يكتسب مايريد فقط على حساب مكتسبات اخرى أهم مما تناوله هو
أما فيما يتعلق بالامة العربية ... فالموروث هنا قومية عربية ... كذبه عربية ... موروثنا شعارات زائفه ... فالكلمات الحماسيه المكتوبه لاتعد شيئا ان لم يعمل بها احد ... والقومية ليست كما تعلمنا بالكتب انها اشتراك بالدين والتاريخ واللغة والعادات والتقاليد والمصير . فكم مغترب عربي مهاجر من الاوطان العربيه قد اختلفت موازينه الدينيه
واختلف تاريخه وايضا لغته كم عربي خلع ثوب العادات والتقاليد التي نشأ عليها
... القومية بتاتا لا تنشأ من واقع أطماع ولاتقوم لدول على حساب أخرى .. فكم وطن عربي
تنتهك حقوقه من وطن عربي آخر .. كم وطن عربي تستنزف موارده في حين يغترب مواطنيه
للعمل بوطن عربي آخر يدفع ثمن استنزاف الموارد فتلك ايضا انتهاك لحقوق الاوطان حينما
تصرف بعض الدول العربيه على مقيمين عرب فقط لانهم عرب فهذا انتهاك لحقوق شعب على
حساب شعب آخر

ان هذا الموروث بفترة من الزمن وجد اصداء لنفسه ولربما لازالت عند جماعات القوميين العرب ولكنني أجزم انها أضغاث احلام قومية.
ان تلك الكذبه العربية لم تكن سوى فقاعة زرعها في العقود الوسطى من القرن العشرين بعض الحكام وازداد حجمها اثر ما نفخوا القوميين فيها من هتافات وبمجرد ان اصبحت كبيره تفوق حجم العرب وحجم عقلياتهم حتى سقطت وتلاشت في الوقت الذي سقط فيه ادعياء القومية وكثيرون ممن تزحلقوا على اثرها ..
تلك الكذبه العربيه ظالمه ... ظلمت الاجيال العربية من بعدها .. لضعفها والذي يدل عليه زوالها ... فاين هي اليوم منا ؟...
هنا نحن نحاول ان نتمسك بالموروث وقد اكتسبنا جزء من حماس القوميين العرب حيث مازلنا نتسابق على رفع الشعارات الرنانه وقد فرضت علينا تربيتنا قناعات نحاول اليوم بشتى الطرق نبذها ... نحن اليوم رغم محاولتنا لتسمية الامة، امة عربية، لانشعر بها ... وبالتالي فالخلل يكمن بتصور ماهو ليس موجود .. ومعالجة الخلل هنا بقومية حقيقيه تعترف بشرعية كل عربي وتؤمن بحقوقه انما تبقي له استقلاليته ... لتكن لنا قومية اساسها التعاون من اجل تقدم العرب ولكن مع وجود اعتراف بشرعية واستقلال كل دوله عن اخرى حتى لاتنشب بيننا خلافات

هكذا يبدو الخلل بالامه الاسلاميه والعربيه .. وهكذا يتجلى لنا الضعف الذي نعانيه اثر الخلل .. وقد بات الامر بيد كل عربي ومسلم ... فلا وحده اسلاميه بوجود جماعات تنبذ جماعات واخرى... وتكفر غيرها... وحزب يتكفل بشن هجوم وحرب على حزب آخر... ومامن قوميه بدون الاعتراف باننا دول،ولكل دوله استقلاليه تامه ... ان الشأن العربي ليس بمواقفه ولاحتى بوقفته
ومن هنا انتقل لفلسطين الاسلاميةالعربية ... ان ملايين المسلمين لاتعنيهم فلسطين ولكن فقط يريدون القدس وغالبا ما يتناسون القضية الاصلية كون القدس آمن بعزة الله تعالى ... وملايين من العرب لاتعنيهم فلسطين ولا حتى القدس ... لانهم على يقين ان اسرائيل بنت كيان لها بفلسطين لوجود رغبة بالخلاص من عذاب الغرب لهم وهذا ماحاولت اسرائيل جاهده لستره رغم بزوغه كالشمس ... العرب على يقين بمطامع اسرائيل في الارض العربية الاخرى ويضنون ان التخاذل بالموقف السياسي سيكفل لهم جزء من الكعكه متناسين انهم بذلك يتخلون عن موروثاتهم التي تتبناها شعاراتهم ...

اخيرا ... نحن لايسعنا إلا أن نشخص ونحاول الاجتهاد لاكتشاف علاج للازمات ... لان الامر اليوم يعود للسياسه التي تدعي السلام وايضا يعود للارهاب الذي يرتدي ومنذ زمن عباءة الاسلام وفقط كل ما نحصده هو مجازر مستمرة  تكمل للتاريخ ملحمة الدم التي بدأت منذ انحراف المسلمين عن الحكم الاسلامي الاصيل وتحولهم الى الحكم الموروث...


هدى القلاف
20/1/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق