كان المساء بساعاته الأخيره من ليلة شتويه تسترسل بطقوسها حيث السماء شديدة الظلمه والارض رطبه إثر زخات أمطار سبقت الليل لتملأ الأرض بالحياه .. أجواء تميل لرطوبة بارده تثير رعشة بالجسد .. وأنا كنت هناك أفترش رمال الشاطئ الرطبه والناعمه أدفن قدماي بها وكأنني ألتمس منها الدفء الذي لم تتوانى لحظة أن تشعرني به .. شعرت كم هي حنونه الأرض .. واسعه ولكنها تضمنا لاتضمن لنا الزوايا لأنها لاتعرفها وفقط نحن من يصنعها وفقط تمنحنا المساحات فنشعر باننا نملكها .. دائما تجذبنا نحوها ورغم ملامحها المتغيره إلا انها طيبه جدا فسواء كان الشاطئ صخور وعره أو رمال كما هو الحال معي فستبقى الأرض منبع حب أرتبط بها فأنا منها وهي مني .. وعبق رائحتها يملأ كل حواسي فأنتشي بها ألمسها اداعب حبات الرمل أحاول أن ابني قصورا وأحطمها كلما نظرت لتلك الموجات القادمه نحوي .. شيئا فشيئا تقترب مني تحاول أن تملأ الارض حولي تعتريني نسمات بارده ولكنه الدفء يحاصر كياني فأسدل ستار عيني .. أجفاني .. واشعر بدموع تملأ حدقتاي .. أعود لأرفع الستار وإذا بي أملأ الفضاء بصرخات صامته تعبر عنها الدموع فابث للموجات وللمدى البعيد وللظلام شكواي ووحدها الأرض بغطاء الرمل الناعم اتشبث بها واستمد قواي منها ..
شكوت للوحة الطبيعه وقد ذللت كل أصواتها التي ملئت المكان لحنا شجيا يرافق سيل الآهات مني .. شكوت لها الماضي الجميل الذي رحل عنا بعد أن أهملناه بحجة الحاضر .. وشكوت لها المستقبل المجهول الذي نحاول أن نرتحل اليه أيضا بحجة الحاضر ... كم هو مؤلم هذا الحاضر يسرقنا من طفولتنا من أجمل لحظاتنا من كل تلك الامسيات الشتويه التي نقضيها ملتفين حول المدفئه نتقاسم الحديث والضحكات وناكل كل مالذ وطاب من الحلويات .. لم نكن نفترق ولم يتناقص يوما عددنا بل كنا نتزايد تارة نجد بيننا جاراتنا وتارة أخرى صديقاتنا .. كنا دائما متشابهين رغم فرق بالملامح والأصوات .. كم هو مؤلم هذا الحاضر إذ غير ملامح لهجتنا ضحكاتنا اسلوب حديثنا ومواضيعنا حتى نحن تغيرنا فلم تعد لنا ذات الهويه بل اصبحنا مصنفين حسب هويات .. شيعه .. سنه .. بدو وحضر وهوياتنا اصبحت هي الاخرى مصنفه لهويات اخرى .. معارضين ومؤزمين ومؤيدين وأنصار وموالين .. كم هو مؤلم الحاضر اذ لم يترك لنا عقل يفكر بالمستقبل بأمل فكثيرون ذهبوا عنا مودعين مستقبلنا قبل أن يصل ذهب كل مايدعو للالتفاف حول ذات المدفئه ذهب الصخب والضحك والحوار .. بتنا لانعرف بأي راحلة سنصل للمستقبل هذا اذا كنا فعلا نملك من المستقبل بعضه .. كم هو مؤلم ذلك الحاضر يحاصرنا لنبدو به أغراب لانعرف ملامحه نجهلها .. نجهل الطرقات التي جمعتنا يوما .. نجهل الأشخاص الذين التقيناهم .. نجهل المدينة والاحياء .. نجهل من نحن وكيف نبدو وماذا نريد .. فقط البحر هو الذي نعرفه ويعرفنا حق المعرفه .. فها انا ذا أجلس امامه والمدينة التي سافر ماضيها ولهثت وراء مستقبلها خلفي اترحم على ماتبقى منها .. أحاول ان اجتث الاحلام من صدر الموجات فأجدها ترقص السامري بثوبها الواسع تنزل بكل جسدها للأرض وكانها سترتطم فتنهض شيئا فشئا يتصاغر حجمها تختفي وتتلاشى على الرمال الناعمه .. أقبل الفجر وأشرق اول خيط نور انعكس على أدمعي فاحرق خد الورد .. جاهدت أن أبقى كما أنا ولكنها الشمس ملأتني فوضعت رأسي بين ركبتاي بكيت كثيرا وبالكاد حاولت رفع راسي وإذا بي ألتفت للخلف ... البحر أصبح من حولي .. واصبحت المدينه بعيده جدا .. حتى الارض لم تعد تجذبني .. فالماء فعل فعلته السحريه وحملني هو واصبحت عائمه ...
هذا الصباح رغم الشمس بارد .. والماء لايرحم ضعف جسدي الذي فقد توازنه إثر كل ما بثه من شكوى .. كم اضحى الشاطئ بعيدا عني والارض ان لم تقوى على جذبي فأنا قادره على أن أستسلم لقوة الماء ليبتلعني فأصل للأرض انغمس بالرمل مثل كل الأصداف المنغمسه .. قادره على أن اموج مثل كل موجة وربما سأصل .. حينها لن أتمنى اكثر من أن أجد بالحاضر المؤلم صفحات بيضاء أرسم عليها أحلامي وطموحاتي بفرشة طفلة أتت من الماضي تحمل معها رؤيا جميله ..
كم أتمنى ان تشرق شمس تملا الكون بياضا ونصحو نحن من غفواتنا عنوه نسرق منها أحلامنا الجميله .. ننهض نجد بين اصابعا تلك الريشه التي كنا نعجب بشكلها وملمسها ونحن أطفال ولانعرف كيف نستخدمها ..فكنا نرغم ذوينا على أن يبتاعوها لنا ويتناسون انها بحاجة للالوان .. تبقى بين كل حاجياتنا فننساها .. نكبر فنضحك على براءتنا حينما قررنا ان نمتلكها .. كم اتمنى ان اسرقها من أحلامي لأرسم بها على بياض الكون طموحاتي ثلاثة ألوان أخضر اسود واحمر ان اجتمعوا مع بياض الكون أصبحوا رمزا رائعا ساتمكن أن ألتف حوله مع كل الذين التفوا معي سابقا ..
وستعلوا هتافاتنا
تحيا الكويت .. تحيا الكويت .. تحيا الكويت
عاش الامير .. عاش الامير .. عاش الامير
ثم ننشد نشيدنا ... وطني الكويت سلمت للمجد وعلى جبينك طالع السعد
كم اتمنى أن أقف على سطح البحر اراقص الموجات تحملني معها تتسابق نحو شاطئ مدينتي فاراها لوحة رائعة تسكرني بجمالها الاخاذ ..
كم وكم وكم .. كل ذلك يحتاج فقط أن نعشق الكويت بعمق ..
هذا حلم مواطنه ثلاثينيه عاشت بزهو الماضي الجميل وتطمح لغد تثق به .. حلم وطموح لم يتكرر بهم سوى الكويت .. فذكرت نفسي انها معي لانها أمانه أمنها وأمانها واستقرارها هم ايضا أمانه
صباحاتها وكل امسياتها أمانه
هدى القلاف
27/11/2011
اولا شكرا..لأنني دائما عندما أمر بجانب شاطئ البحر و أجد شخصا ما يجلس لوحده يفترش رمال الشاطئ و بصره يحدق في الافق و يبحر خلال الامواج. كنت دائما أسأل نفسي ماذا يجول في فكر هذا الانسان. بم يفكر به. ادري فضولي :)
ردحذففشكرا لهذه الدعوة لاصطحابنا داخل رحلات عقلك العابرة لامواج البحر.
أما بالنسبة للفكره. فستجدينا كلنا نجدف في نفس الاتجاه و ننظر للوراء لنفس الماضى و نلتفت للأمام بحثا عن نفس المستقبل الذي نخشى أن لا نصل اليه.
استمتعت كثيرا بالاسلوب التصويري الرائع الذي نقلني لمشهد رائع بكل تفاصيله
و رسم لي لوحة جميلة و كأني أنظر للوحة زيتة معلقة في معرض لكنها لوحة ناطقة
شكرا لهذه الدعوة و لهذه الرحلة . استمتعت كثيرا
و سامحيني على النأخير فلم يكن اهمالا بل تأنيا
تحياتي
بداية يسعدني ان لبيت لي دعوتي واتشرف بك ..
ردحذفكثيرين يقضون ساعات أمام البحر وانا من ضمن كل هؤلاء وان كنت أعشق زرقته فمداه المظلم ملاذي حينما لا اجد تفسيرا لكل تداعيات الحياه التي تجبرنا على أن لانكون ونجاهد ونسير بعكس تيارها
لطالما تمنيت أن أتوسط البحر مثل كل موجه أنظر للكويت لواجهتها كلوحة .. المؤلم انني لم ألمس من اللوحه سوى الماضي الجميل وودتت لو يكون المستقبل عوده
فكانت لوحتي ..